Sep 3, 2019

المشاوير

كنت الخامس بين إخوتي. ولكن نداهة المشاوير خاطبتني مبكرًا، لأني ذكر صغير. وأخي ذكر كبير. وبيننا فتاتان لا يصح أن يخرجا إلا للشديد القوي، ما دون ذلك كان من نصيبي 
تعلمت تمضية الوقت بالكثير من الألعاب. في خيالي أسابق المارة، هذا الرجل الخمسيني القريب من عمود الإنارة، سأصل لهناك قبله. هذه السيدة المخمرة، سأسبقها لحسن البقال. أو أجري من شخص لآخر في محاولة لربط كُل المارة في الشارع بخيط وهمي أنسجه كعنكبوت في رأسي. وفي رأسي كنت أشرد كثيرًا في آلية دخول وخروج الهواء إلى رئتي الصغيرة، وعندما أقرر التوقف عن التفكير في ذلك عمدًا، تقف أنفاسي. أشعر بالذعر، وأفكر في كيفية التوقف عن التفكير  دون التوقف عن التنفس، فأفشل أكثر، ويملأني ذعر أكبر. قبل أن أبدأ على مدار المشاوير الممتدة لسنوات في تطوير آلية ناجحة في التشتيت: أفكر فجأة في شيء عشوائي بتركيز شديد، فيتشتت ذهني عن فكرة التنفس، ولا يوقفه.
كبرت، ذهبت المشاوير، وتبقى لي خطوتي السريعة المُرهقة لرفاق التسكع، وقدرتي على تشتيت ذهني عن الانغماس في الحزن والثقل
والخواطر القاسية. ولكن تلك القدرة فوق الطبيعية ضاعت فجأة، تحاصرني الأفكار الثقيلة والخواطر المزعجة، ولا أستطيع تشتيتها

Jul 4, 2019

لوحة لموديلياني





آراني عاقلا، بأفق واسع - بعض الشيء- ، وقلب يحاول تقبل الاختلافات، دراستي للعلوم تجعلني منفتح لنسبية الأشياء، فما نراه طويلا هو قصيرا بالنسبة لمنظور أخر، وما نراه حقا يراه غيرنا باطلا لأسباب مختلفة، أعرف أن معاييرنا كبشر مختلفة، نرى الشر أو الخير في الرصاصة ذاتها، نرى اللؤم والشجاعة في ابتسامة واحدة، ولكن ما لا استطيع أن أفهمه أو أسامحه ، أن  يصمد أحد - أي أحد -  جالسا  أمام سحر ميسي للكرة، أو يبقي فمه مغلقا في حضرة لوحة لموديلياني، أو لا ينتصب حيوانه أمام نودز بيكتشر صباحية منكِ يا جميلتي

Apr 7, 2018

حلم : إنما المحجوب أنت





استجمعت شجاعتي وارسلت لها الرسالة، أخفيت وجهي باللحاف الممتد  إلي مالا نهاية كأنه العالم، أبيض عليه دوائر زرقاء،  التقطت الهاتف مرة عاشرة للتأكد انني لم تصلني رسالة، ولكني وجدت طلب صداقة منها، فتحت الرسائل سريعا، وارسلت لها : ياااااه
ردت سريعا "الجاذبية الأرضية كمان مهمة وبتشتغل بطريقة غامضة، اسأل نيوتن"
تبادلنا رسائل كثيرة، حاولت أن اشرح سوء الفهم الـذي حدث قبل ٧ سنوات، ولكنها مبتسمة لم تهتم، كنت مستمتع كأني اشاهد نبيتة بذرة صغيرة، تنمو وتخترق التربة وتعلو.
وصلني تنبيه أنها تبث فيديو مباشر، من صالة منزلها، لفتتني التفاصيل، لون الستائر والرسومات عليها، الطاولة، نظارة مدرس الاسباني العجيبة، كنت اعرفه ولكنني لم استطع التذكر، اندهشت من فكرة بثها فيديو لدرس اسباني. ولكنني كنت سعيد بما يكفي لأن اتجاهل سخافة الفكرة.

Oct 1, 2016

تأملات

رغم كُل شيء، رغم كُل المتع اللي تنفستها طوال 33 عاما، ورغم كُل الافكار التي استهلكتها واستهلكتني عبر السنين، رغم كُل الخبرات التي تراكمت علي جلدي امرأة فوق امرأة، يظل إرثي اللعين يطاردني فيثقل كُل الخفة، دون سبب، وكأني أخاف أمي. وكأن كُل النشوة مسروقة، كُل المتعة مسروقة، وضميرك حائط بينك وبين السعادة، فأن أقنعته، يا ضميري، ما مدي سوء ذلك؟ يخرج من رحمه خوفا من الذين لم يتجاوزوا ضميرهم بعد، امي وجاري والرجل الكبير المهيب المار في الشارع. 

هكذا نشأت. حتي تساءلت. كيف لمن يعيش عمرا يخاف الله، أن يحتسي خمر الجنة بقلب مطمئن؟

Aug 10, 2013

قسوة



لا تساوم، تعلم جيدا أن كُلك قابل للمساومة، أفكارك وثوابتك وكل ماتؤمن به، فلا تساوم، لا درجة في سلم إلى السماء تستحق، يقينا نعلم هذا، ولكن لأن الحياة ليست دراما تلفزيوينة فالمساومات لا تأتي بهذا النمط، ستصعد السلم بأفكارك وثوابتك وكل ما تؤمن به، وعندما تعتاد رئتيك علي الهواء بأعلي، تأتي المساومة كيلا تهبط.
 عوّد نفسك علي الخسارة، كل شيء وأي شيء، تقبل الخسارة وتكيف معها، وعلي الهامش، تقبل كل الاتهامات بالقسوة والغلظة بصدر رحب.

Mar 27, 2013

ذكريات



"راجل ....راجل" 

مازالت ذكريات معركة قصر النيل في 28 يناير 2011 تأبي أن تسمعني 





تصويري يوم 28 يناير 2011

Mar 2, 2013

سفْر جديد : فضل الرضا بالقدر


إلى روح يحيي الطاهر عبد الله.


حكايات لأمير، لم يأت بعد
الحمد لله الذي أنعم عليّ بالرضا والخيال
والصلاة علي نبيه يونس الذي رفض القدر مرتين فأنتصر القدر في الثالثة، و ألقاه في جوف حوت، فلم يزده الظلام إلا إيمانا.
يقولون يا أميري، أن المرء يستطيع أن يصنع جنته علي الأرض، وتحكي الأسطورة عن رجل رأي الزمان و رأه، وخبر الحياة و خبرته، وكيف أنه صنع آلة صغيرة يقيس بها سعادة الانسان وبهجته، و صنع ترقيما من الواحد إلي المئة، وبعدما أتم صنع آلته العجيبة، سار بها بين الأنام يختبرها و يسجل نتائجها فى اوراق ملونة، الأبيض للدرجات من صفر إلى عشرين، و الأصفر للدرجات من عشرين إلي أربعين و هكذا تدرجت الألوان من الأبيض إلي الأصفر والبرتقالي و الأحمر الفاتح ثم الداكن القرمزي.

كانت – يا أميري – الورقات الداكنة قليلة جدا، قليلون هما السعداء للنهاية، و كان كل  شخص مر به  بطل حكايتنا يروي له عن مرة أو مرتين – علي الأقل -  من السعادة المطلقة، مرة أو مرتين، كان مؤشر الآلة العجيبة يصل فيها لنهاية الترقيم، و يصدر صوت ضحكة لا كدر يشوب صفاءها.

ولما أتم بطل الحكاية رحلته في شرق الأرض وغربها، عاد إلي بيته المتواضع، واراح قلبه و بدنه.

مر يوم و مثله خمسة قبل أن يفكر بطلنا – يا أميري -  فى الجنة، "كم سيسعد قلب العبد في الجنة ؟" قلّب الرجل المسألة بين يديه، نظر إلى السماء، و قلّب فى ما أرسلته من كتب، و بعدها بيقين مؤمن، كتب فوق ورقة سوداء وضعها فوق الأوراق التي جمعها  "السعادة و الكآبة فى القلب..والجنة على الأرض، و الرضا مفتاح"
فى هذا النهار – يا أميري – مضي  بطل حكايتنا مستمعا إلي إشارات القدر و راضيا بحكمته


المشاوير

كنت الخامس بين إخوتي. ولكن نداهة المشاوير خاطبتني مبكرًا، لأني ذكر صغير. وأخي ذكر كبير. وبيننا فتاتان لا يصح أن يخرجا إلا للشديد القوي، م...